مناطق إستقرار و رعي قبيلة الأشراف العروسيين بالصحراء

إشتهر عن قبائل الصحراء عيشهم على رعي المواشي (إبل، غنم، ماعز) حيث يعتبرونها _المواشي_ مصدر قُوْتِهِمْ. فكانت لكل قبيلة مراعي قريبة من منطقة إستقرارها (لفريك)، وتختلف المراعي على حساب ما ينبت بها من شجيرات قصيرة التى توثر على إنتاج المواشي إيجابا كان أم سلبا. فمثلا إذا تناولت ناقة ما نبتة مالحة فإن سيكون إنتاجها مالحا (الالبان واللحوم)، ولو تناولت نبتة خالية من الملح فان إنتاجها سيكون بدون طعم.

ولا تطبق هذه القاعدة دائما، فبحكم توالي سنوات الجفاف على منطقة معينة، تنتقل ساكنة هذه المنطقة الى مناطق بها كلى للمواشي أو ذات تساقطات حديثة، ويطلقون عليها إسم "مناطق الزدف"، لتعود بعد ذلك الى مناطق إستقرارها الاولى (الموطن الاصلي).

و قبيلة السادة الاشراف العروسيين على غرار جميع قبائل الصحراء، لها مناطق إستقرار خاصة بها بوادي الساقية الحمراء، وسبب استقرارهم بهذه المنطقة كونها قريبة من ضريح جدهم الشيخ سيدي أحمد العروسي أول عالم تطأ قدماه هذا الوادي. فكان منطقة "كور الطبل" وما جاورها منطقة إستقرار قبيلة السادة الاشراف العروسيين، بالقرب من صخرة الطبيلة الشهيرة. وقد أطلقت القبيلة مجموعة أسماء على المنطقة، والتى ظلت راسخة في الذاكرة المحلية الى يومنا هذا، من قبيل "كور الطبيلة" و "كور الطبل"، ولكل منهم قصة خاصة بها ف"كور الطبيلة" سمية بالاسم لقربها من صخرة الطبيلة الشهيرة، أما "كور الطبل" فهي مجموعة هضاب كان يضع فوقها العروسيين طبول للإنظار في حالة ظهور غزي، على أعتبار أن خيول العروسيين المعروفة ب"الزريكات" كانت تسكن بمنطق جنوب الكور تبعد كيلومترات وذلك لتوفر الماء والكلاء الخاص بهته الخيول، على أعتبار أن الخيول لا تملك القدر على إحتمال العطش مدة طويلة من الزمن، وعند قرب حدث أي خطر تقرع هذه الطبول من أجل إعلام بقية أبناء القبيلة بضرورة الخضور، فيتكرر قرع الطبول بسبب الكور، وقد كان أحد فروع القبيلة له شرف قرع هذه الطبول، هو بطن "أولاد سيدي بومدين" أو "أولاد سيدي أبراهيم ولد سيدي بومدين"، ليطلق عليهم بعد ذلك لقب "أهل الطبل" نسبتا الى تلك الطبول التى كانو يقرعونها استعدادا للحرب. أما منطقة "كور الطبل" فكانت منطقة قاحلة لا ماء فيها ولا كلئ، ويطلق عليها إسم "الصلب"، وللقبيلة أسباب مهمة لختبار هذه المنطقة رغم قساوتها وقحط أرضها، وتكمن هذه الاسباب في كون المنطقة محصنة طبيعيا من الكور بواجهتين، حيث تستغل الكور في الدفاع والاستطلاع.
وترعى قبيلة الاشراف العروسيين في منطقة تواجد نبات "لحدب"، حيث يمتد إنتشار هذه النبتة على شكل عمودي من ضريخ "سيدي خطاري" شمالا الى منطقة "بوكراع" جنوبا. وتكثر الامثال التى تعالج هذا الموضوع منها قوله:

دَبْ، دَبْ، أهْلكْ كاسُو لحْدَبْ، لا مَا لا عُودْ حْطبْ

وتجسد هذه القولة شخص يتحدث مع حْوَارْ له (صغير الناقة) يخبره بالاسراع ويرهبه من هذه الارض المقفرة (الصلب) التى لا ماء فيها ولا حطب، وبالمقابل يرغبه في أرض تواجد لحدب حيث أهله هناك. و الى جانب الاشراف العروسيين يرعى كل من الاشراف الرقيبات والانصار أولاد تيدرارين، أما قبيلة الرقيبات المتواجدة شرق منطقة العروسيين (كور الطبل) فتارة ترعى بمناطق لحدب وتارة أخرى ترعى بمناطق شرق ذلك وقد تصل الى الجزائر، وعلى النقيض من ذلك ترعى قلبية أولاد تيدرارين بمنطقة لحدب و كذا بالمناطق التى غربها، بحكم إستقرارها غرب منطقة العروسيين (كور الطبل).
ويقول الشاعر محمد أمبارك ولد مولود في قصيدته "أنا بعد بالعروسيين" ما نصه:

هـذا الخـلـق آلجاك أعلى مـــول *** جـمع الـشـمل اطــفـي عـنـو نــار

الـشــر و تـرجـع لـهـل الــــدول *** دولـتــهــــم تــتــمـتــع فــوكـــــار

لـحــدب و لـخـط ولامـگــفـــول *** عـنهـا شــور الـنـقـصـة لـشـــوار

و نـشـوف الـشبـان و لـكـهـــول *** بــواهــة و نــشــوف الــديـــــــار

فـي الصلب اللـحـد الـمـخــلــول *** أبــلــغ فـيـه و نـگــــل لــحــــوار

فـمـاتـو و أمـراكـيـب أفـــحــول *** مــا مــوجــود أحــذاهــم گــــزار

ذا كــامــل للـمـولـى مـگـــيــول *** و أنــت جـاهــك عـنـدو يـنـــــدار