لماذا يغطون وجوههم؟الرجال الزرق الملثمون..الطوارق
صفحة 1 من اصل 1
لماذا يغطون وجوههم؟الرجال الزرق الملثمون..الطوارق
إن اسم تنهينان الذي تحمله آلاف الجزائريات اليوم إنما هو في حقيقة الأمر منسوب لملكة الطوارق التي ينتسبون إليها. وتاريخه حسب الروايات التي تناقلتها الأجيال أبًا عن جد وحملتها كتب التاريخ أن تنهينان هي ملكة قبائل الطوارق التي تعيش بعدد من الدول تشترك في الصحراء الكبرى الإفريقية، وقد حكمت في القرن الخامس الميلادي، وإليها يستند هؤلاء القوم في تنظيمهم الاجتماعي الذي يستمد السلطة ـ حتى الآن ـ من حكمة المرأة. وتعيش وفق ما عرف في التاريخ بالمجتمع الأميسي.
وتقول الروايات التاريخية إن اسم تنهينان مركب من جزأين (تين + هينان) وهي لفظ من لهجة «التماهاك» القديمة وتعني بالعربية (ناصبة الخيام)، لذلك رجح المؤرخون أن تكون كثيرة السفر والترحال. وهي حسب تلك الروايات سيدة ممشوقة القد، طولها أكثر من متوسط طول نساء هذا العصر، كانت حكيمة وقائدة بارزة، ولها قدرة سحرية على التأثير في من تخاطبه، قدمت ذات زمن من منطقة «تافيلالت» الواقعة بجنوب المغرب الأقصى حاليًا برفقة خادمتها «تاكامات» وعدد من العبيد (2000) لتستقر بقافلتها الصغيرة في منطقة «الأهقار» الجبلية على نحو ألفي كلم جنوب العاصمة الجزائرية بعد رحلة متعبة وشاقة، مليئة بالمخاطر.و«الأهقار» كان يسكنها قوم «الأسباتن» المعروفون بخشونة طبعهم وخصوصية لباسهم المتشكل من جلود الحيوانات وبعبادتهم للأوثان، كما عرفوا أيضا بالتحدث بلغة جد قديمة تكتب بحروف تسمى «التيفناغ» تعبر عن أصولهم المنحدرة من «سيرونيك» بليبيا.ولا يزالون حتى اليوم يستخدمون هذه الحروف التي توارثوها أبًا عن جد في مراسلاتهم الخاصة. وقد تمكنت بحكمتها وخبرتها وأيضًا بأخلاقها النبيلة من كسب ود هؤلاء السكان حتى اعتمدوا نهجها في الحياة واعتمدت هي تقاليدهم، فحدث العناق بين عبقرية المرأة وشجاعة أهل البلد وشيدت مملكة كبيرة مزدهرة. وكانت مناطق واسعة من الصحراء الكبرى أراضي خصبة تتخللها جداول وأودية يتدفق منها الماء على مدار السنة، وتمتد بها مساحات كبيرة من المروج دائمة الخضرة ترعى بها الحيوانات المختلفة، وتدل على ذلك النقوش الموجودة على الصخور وداخل الكهوف.تقول الروايات المدونة إن قافلة الملكة طال بها السفر ونفد زادها وكاد أفرادها يهلكون من الجوع، وفي لحظات صعبة تفطنت خادمتها الخاصة لقوافل النمل على طريقها وهي تحمل حبات القمح والشعير، فأمرت بمواصلة الطريق بالاتجاه المعاكس لاتجاه النمل.إلى أن وصلت الى الأهقار فوجدت به الأمن والماء وكل مقومات الحياة فشيدت صرح مملكتها، وأدخلت تقاليد جديدة على المجتمع منها على الخصوص العمل وتخزين الخيرات لوقت الشدة والاستعداد الدائم لقهر الغزاة القادمين من الشرق. وينسب أبناؤها إلى السلف الأميسي، أي قبائل الطوارق النبيلة.إن الأساطير التي تحكي تاريخ المرأة لا تخبرنا عن تفاصيل كثيرة في حياتها خصوصًا تلك المتعلقة بنسبها الأول وأسباب هجرتها من موطنها، الأمر الذي يضعها في مصدر الفرضيات الأكثر غرابة وترسخ في ذهن الطوارق ـ سكان أقصى جنوب الجزائر ـ أن ملكتهم القديمة كانت رائعة الجمال وذات ذكاء خارق، ويكون هذا الاعتقاد السائد المصدر الذي استندت إليه بعض الكتابات التاريخية التي تروي أن تنهينان استغلت جمالها لتسيطر به سياسيًا على منطقة مزدهرة وقتها وحكمت عددًا كبيرًا من القبائل تسمى «الأمزاد» وهي التي تنحدر منها جميع قبائل الطوارق الحالية في بلدان الصحراء الكبرى الإفريقية، تتوزع حاليًا بين الجزائر وليبيا وموريتانيا والنيجر ومالي وتشاد.كما تروي الروايات كثيرًا عن شجاعتها ومزاياها الروحية والقلبية، وهي صفات جعلت سكان الأهقار يضعونها ملكة عليهم. ولعل على هذا الأساس نفهم سبب انتقال صفات النبل عن طريق النساء في المجتمع، حتى إن الأطفال في العائلات النبيلة ينسبون لأمهاتهم وليس لآبائهم كما هو الشأن في المجتمعات الإنسانية الأخرى.ابن خلدون يراها عرجاءأسطورة تنهينان تفتقد إلى الدراسات المعمقة التي من شأنها أن تزيح اللبس والغموض اللذين يحيطان بها، غير أن الباحثة الفرنسية «ماري كلار شاملا» قامت في النصف الأول من القرن الماضي بدراسة علمية على الهيكل العظمي للملكة هي الأولى من نوعها، وتمكنت على ضوئها من اكتشاف العديد من الأسرار من بينها أن تنهينان كانت عرجاء، وأكدت بذلك ما ورد في كتاب ابن خلدون عن تاريخ البربر الذي يشير إلى وجود امرأة عرجاء هي سلف لكل الرجال الملثمين ويقصد (الطوارق). ونقل الكتاب أن ابنها «هقار» الذي أطلق اسمه على المنطقة كلها فيما بعد كان أول من غطى وجهه فتبعه القوم وظلوا على تلك الحال إلى اليوم.وقد أثبتت التحليلات أن الهيكل العظمي يعود للقرن الخامس الميلادي وهو ما يعني أن تنهينان لم تكن مسلمة كما يشاع لأن الإسلام لم يبلغ تلك المنطقة إلا في القرن السابع.الأسطورة المملوءة بالفخر كانت مصدر إلهام أيضًا في الأدب والسينما الجزائرية كما هو الحال بالنسبة للكاتب الفرنسي «بيار بونو» الذي كتب روايته «أتلانتيد» وبطلته «أنتينيا».وبين الأسطورة والدراسة العلمية تطل تنهينان الملكة النبيلة صاحبة الجاه والحسب والنسب وأم كل الطوارق وحامية الأهقار. وبعيدًا عن الأسطورة تنهينان اليوم هو اسم جزائري تحمله جزائريات بكل فخر ويرويه التاريخ بكل شجاعة.هذه باختصار حكاية تنهينان كما هي في القصص المتداولة وسط المجتمع الطرقى وكما ترويها كتب التاريخ التي ألفها باحثون أوروبيون على الخصوص. هي حكاية بسيطة لكنها تحمل أسرارًا لا حصر لها، لم تتمكن البعثات العلمية المختلفة من الإجابة عنها بالقدر الذي يمكّن من تكوين فكرة شاملة عنها، وعن دورها في ترسيخ بناء مجتمع أميسي قاوم كل التحولات وظل قائمًا إلى الآن.مجتمع الطوارق اليومإن الطوارق أو الملثمين ويسمون أيضًا الرجال الزرق، يعيشون كبدو رحل في الصحراء الإفريقية الكبرى، والذين ما زال معظمهم يحافظ بإخلاص على عادة اللثام المطبق للرجال لحد لايسمح بخروج أكثر من أهداب العينين، في حين أن المرأة في الأغلب الأعم سافرة لا تغطي رأسها. لكن من هم الطوارق؟ وما هي مناطق وجودهم تحديدًا؟ وما الذي يميزهم عن غيرهم من البربر؟ ومن أين جاؤوا بهذه العادة الغريبة عن جميع الشعوب العربية والإسلامية التي هم جزء منها؟ ثم ما هي أهم عاداتهم ومظاهر ثقافتهم؟ يسود اعتقاد خاطئ لدى العامة في المغرب الكبير بأن كلمة الطوارق مشتقة من اسم طارق بن زياد الفاتح العربي المسلم، وسبب اللبس أن طارقًا يعود لأصول بربرية، وبدو الطوارق بربر كذلك. والحقيقة أن هذا هو وجه العلاقة الوحيد، فالطوارق لا يسمون أنفسهم بهذا الاسم الذي يطلقه عليهم غيرهم فقط، وإنما يتسمون «تماشق» أو «تمازغ» وهي نفسها عند غيرهم من البربر «أمازيغ» ومعناها «الرجال الأحرار». أما كلمة طوارق العربية، وتنطق محليًا «طوارق» فهي مشتقة من «تاركة»وهو اسم كان يطلق على منطقة فزان بليبيا الآن، وهي منطقة لا تزال أحد أهم أماكن وجود الطوارق. وجميع الطوارق مسلمون على المذهب المالكي، ويتحدثون بلهجتهم البربرية التي هي أصلاً إحدى اللهجات العربية القديمة. وقد تأثرت هذه اللهجة أكثر بالعربية القرشية مع استضاءة المنطقة بنور الإسلام، وما زال التأثر والتأثير في ازدياد أكثر فأكثر مع تزايد تبني الطوارق للثقافة العربية الإسلامية. وتختلف تقديرات سكان الصحراء الإفريقية من الطوارق بين مليون ونصف وعدة ملايين حسب أقل التقديرات، ويمكن تقسيمهم جغرافيًا إلى مجموعتين رئيسيتين بالصحراء الكبرى تقطنان المنطقة من خط الطول 27 إلى 14 وخط العرض 9 إلى 3 وهما: أـ طوارق الصحراء وهم الموجودون في الجنوب الجزائري ومنطقة فزان بليبيا وأهم قبائلهم الهقار أو «كل هغار» كما يسمون هم القبيلة دائمًا ببادئة «كل» أي «أهل» أو «بنو»، وأيضًا كل آجر في صحراء الجزائر، وبالتحديد بمنطقة جبال الهقار، ثم إيمنغاسن وأوراغن وكل آجرفي فزان، وسكان مدينة غدامس الليبية عند نقطة الحدود مع كل من تونس والجزائر.ب ـ طوارق الساحل وهم بالأساس قبائل كل آيير بصحراء تنيري، وكل يلمدن بمنطقة غاوة بالنيجر، وكل إيترام وكل آدرار من إيلمدن المتونة، وكل تدمكت حوالي (ثومبوكتو ومنعطف نهر النيجر بمالي، وقبائل أخرى كثيرة مثل كل أنصار الأنصار وكل لغل، وكل السوق التجار) وكل غزاف وغيرها في منطقة أزواد وآدرار إيفوغاس بجمهورية مالي المسلمة.وكل هذه القبائل تشترك في نفس الثقافة، وفي نفس اللغة الأمازيغية التي كانت تكتب خصوصًا في الجنوب منذ أقدم العصور بالحروف الفينيقية أو كما يسمونها هم «التفيناق». ومعظمهم عند سؤالهم عن أصلهم يقولون إنهم من حمير من اليمن، وهم محاربون أشداء معروفون، وقد اشتهر فرسانهم في الفتوحات الإسلامية، وفي عهد المرابطين خاصة، وكانوا هم الجهد الرئيسي للجهد الإسلامي في معركة الزلاقة بالأندلس، وملامحهم عربية جنوبية واضحة، وإن وجد منهم من يميل إلى السمرة الشديدة بحكم الاختلاط بالعناصر الإفريقية المسلمة في الجنوب كقبائل الهوسا بالنيجر، والماندينغ والفولاني في جمهورية مالي، التي قد تمتد منها أحيانًا إلى شرق موريتانيا أيضًا التي بها لهم وجود محدود. درج المؤرخون والرحالة العرب القدامى على تسمية الطوارق بالملثمين والسبب الأساسي في ذلك هو محافظتهم الشديدة على هذه العادة منذ فجر التاريخ، حيث يغطي الرجل رأسه بعمامة من القماش الأسود في الغالب، يلفها حول رأسه بإحكام عدة لفات حتى لايظهر من وجهه سوى أهداب عينيه بالكاد، ليرى بهما فقط، وعلى الرجل أكثر من ذلك أن ينام بهذه العمامة، وألا يضعها في وقت من ليل أو نهار، وإذا كشفت لمعة واحدة من وجهه لظروف خارجة عن إرادته، فتلك الفضيحة التي ما بعدها فضيحة عند الطوارق، وأكثر من ذلك عليه أن يدخل يده من تحت اللثام إذا كان يأكل، وأن ينزوي في مكان مستور إذا ما اضطر لنزع عمامته للوضوء أو غيره. هذه هي باختصار حكاية الرجل الأزرق الذي ما زال إلى يومنا يمجد المرأة ويقاوم الطبيعة القاسية.وتحظى المرأة في المجتمع الطرقي بمكانة خاصة ومميزة، فهي على خلاف النسوة في بقية المجتمعات المالكة للبيت أو الخيمة والمتصرفة المطلقة فيها ولها حرية التصرف في البيت تغييره أو بيعه إذا اقتضى الأمر. وفي حال وجود خلاف أو سوء تفاهم بينها وبين زوجها فما على هذا الأخير سوى مغادرة البيت. والمرأة الطرقية تتميز أيضًا عن باقي النسوة في كثير من الأمور أهمها اللباس التقليدي الذي ترتديه والمعروف عند أهل المنطقة بالتسغنس، وهو عبارة عن جزء واحد من القماش يتراوح طوله في الغالب بين ثلاثة إلى أربعة أمتار، وعرضه متران تلفه حول جسمها ليغطيها من أطراف قدميها إلى رأسها، ولا تغطي المرأة الطرقية وجهها.أما عن الحلي فلا قيمة للذهب عند هذا المجتمع مقابل الفضة، التي تعتبر مهر المرأة ومصدر زينتها. هذه الفضة تصنع محليًا مستمدة أشكالها من طبيعة المنطقة كجبال الأهقار، وجبال الطاسيلي ناجار، وقد تحمل أشكالاً ورموزًا أخرى تعبر عن ثقافة وتقاليد هذا المجتمع. ثم إن الطوارق أبدعوا في صناعة الحلي الفضي لدرجة أبهرت السائحين الأجانب الذين يعمدون حاليًا إلى شرائه بأثمان فاقت ما يقابلها من ذهب.ومن بين الأمور التي تعكس تمجيد هذا المجتمع للمرأة طريقة زواجها، فإذا كانت المرأة في باقي المجتمعات تزف إلى بيت زوجها ليلة عرسها فإن المرأة الطرقية لا يدخل عليها زوجها ولا تقام ولائم عرسها إلا في بيتها.على خلاف المرأة فالطرقي أو الرجل الأزرق مجبر على القيام بالعديد من الأعمال، كالرعي وحلب النوق، وإعداد الشاي، بالإضافة إلى تحضير (التاقلا) وهو نوع مميز من الخبز يصنعه الطرقي، يعمد إلى تحضير عجينة كبيرة من الدقيق ويكورها على شكل قرص كبير، ثم يدفنه تحت الرمل ويضع فوقه الجمر لتصبح بعد حوالي عشرين دقيقة جاهزة فيأخذها وينفض من عليها الرمل الساخن، ثم بعد ذلك تقطع إلى أجزاء صغيرة و تضاف إلى المرق. وتعتبر التاقلا أشهر أطعمة الطوارق.أما عن قصة اللثام الذي سبق أن أشرنا إلى أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال للطرقي أن يضعه من على أنفه، فتعود الأساطير لترجع سبب ذلك إلى أن أهقار وهو ابن الملكة تنهينان ـ والذي تعرف جبال الجنوب الجزائري اليوم باسمه ـ فر يومًا ما هاربًا بجيشه من أرض المعركة، وفي طريقه إلى العودة تنبه إلى أن ما قام به لا يليق بمقام قائد جيش وابن ملكة وبقي مرابطًا بجيشه على مشارف الديار مدة شهر كامل لا يستطيع الدخول مخافة ملامة النسوة له، ولما طال بهم الحال ونفد ما معهم من زاد، وجدوا أنفسهم مجبرين على دخول الديار، فما كان على القائد سوى أن يغطي وجهه الذي يحمل ملامح العار وكذلك فعل بقية جنده وبقوا على تلك الحال طيلة حياتهم وكذلك فعل من جاء بعدهم، حتى أصبح الأمر تقليدًا مفروضًا إلى يومنا هذا.وتسمية الطرقي بالرجل الأزرق هي في الحقيقة صفة أطلقتها عليه بقية القبائل، ومردها إلى أن اللثام الذي يضعه على وجهه يصبغ باستمرار باللون الأزرق، وبما أن اللثام يلازمه دومًا فمن البديهي أن يمتزج لون بشرة الطرقي المائلة إلى السمرة بلون الصبغة الداكن.طول العمامة يحدد طبقات الطوارقيعيش الطوارق حاليًا في الصحراء الكبرى وجزء من الساحل، ويتوزعون على شكل قبائل صغيرة هي كالتالي: قبيلة (آجار) ويمتد وجودها من أقصى الجنوب الشرقي الجزائري ـ جبال الطاسيلي ناجار تحديدًا ـ إلى الجماهيرية الليبية، قبيلة (أهقار) ويمتد وجودها من أقصى الجنوب الجزائري إلى دولة النيجر، قبيلة (آزاواد) وتستوطن دولتي النيجر ومالي، قبيلة (آير) موجودة بالنيجر، وقبيلة (تاداماكا) بمالي. هذه القبائل كانت إلى وقت غير بعيد كثيرة التناحر فيما بينها يغزو بعضها بعضًا لأدنى الأسباب، وغالبًا ما كان السبب نزاعًا على مناطق الرعي أو أماكن وجود المياه، وكان لكل قبيلة منهم زعيم يطلق عليه باللهجة الطرقية (آمينوكال) يقودهم في الحرب وعليه تعود مسؤولية حماية القبيلة وتسيير شؤونها. كما ينقسم المجتمع الطرقي إلى طبقات: المحاربون (إيموهاق)، ورجال (الدينإينا سلمانيمثلان) الطبقة الراقية، الحرفيون (إينادهان) الطبقة المتوسطة، الخدم (إيكلان) الطبقة الدنيا. ويميز الفرد بانتمائه لطبقة ما بطول العمامة التي يضعها على رأسه، فالمحاربون ورجال الدين يلفون على رؤوسهم عمائم يتجاوز طولها الثمانية أمتار، والحرفيون خمسة أمتار، بينما لا يتجاوز طول عمائم الخدم ثلاثة أمتار.إن حياة هذا المجتمع جد بسيطة تعتمد أساسًا على تربية الإبل والترحال وتجارة القوافل، فهم وإلى يومنا هذا يقايضون قوافل الإبل المحملة بالتمر بقوافل أخرى تأتي من الجنوب محملة بالسكر والشاي، وكانت أيام المقايضة ـ النصف الأول من شهر يناير ـ تجبر مختلف القبائل في ما مضى بتوقيف الغزو والإغارة على بعضهم بعضًا، كان ذلك قديمًا ولا تزال تجارة المقايضة وإن قل وجودها لدى البعض من قبائل الطوارق، بل إنهم خصصوا لذلك تظاهرة تسمى باللهجة المحلية (آسيهار) ناهاقار تمنراست وتعني بالعربية ملتقى القوافل المقايضة، يلتقي فيها الطوارق من مختلف المناطق في مدينة تمنراست الجزائرية، يقيمون فيها الاحتفالات وتعرض فيها كل قبيلة جوانب عدة من الفولكلور.إن سلوكيات هذا المجتمع تشكل ظاهرة اجتماعية، ومادة قيمة للدراسات العلمية، والتي وللأسف أغلبها لباحثين أجانب. اقتباس من منتدیاتalsaqqr.com
وتقول الروايات التاريخية إن اسم تنهينان مركب من جزأين (تين + هينان) وهي لفظ من لهجة «التماهاك» القديمة وتعني بالعربية (ناصبة الخيام)، لذلك رجح المؤرخون أن تكون كثيرة السفر والترحال. وهي حسب تلك الروايات سيدة ممشوقة القد، طولها أكثر من متوسط طول نساء هذا العصر، كانت حكيمة وقائدة بارزة، ولها قدرة سحرية على التأثير في من تخاطبه، قدمت ذات زمن من منطقة «تافيلالت» الواقعة بجنوب المغرب الأقصى حاليًا برفقة خادمتها «تاكامات» وعدد من العبيد (2000) لتستقر بقافلتها الصغيرة في منطقة «الأهقار» الجبلية على نحو ألفي كلم جنوب العاصمة الجزائرية بعد رحلة متعبة وشاقة، مليئة بالمخاطر.و«الأهقار» كان يسكنها قوم «الأسباتن» المعروفون بخشونة طبعهم وخصوصية لباسهم المتشكل من جلود الحيوانات وبعبادتهم للأوثان، كما عرفوا أيضا بالتحدث بلغة جد قديمة تكتب بحروف تسمى «التيفناغ» تعبر عن أصولهم المنحدرة من «سيرونيك» بليبيا.ولا يزالون حتى اليوم يستخدمون هذه الحروف التي توارثوها أبًا عن جد في مراسلاتهم الخاصة. وقد تمكنت بحكمتها وخبرتها وأيضًا بأخلاقها النبيلة من كسب ود هؤلاء السكان حتى اعتمدوا نهجها في الحياة واعتمدت هي تقاليدهم، فحدث العناق بين عبقرية المرأة وشجاعة أهل البلد وشيدت مملكة كبيرة مزدهرة. وكانت مناطق واسعة من الصحراء الكبرى أراضي خصبة تتخللها جداول وأودية يتدفق منها الماء على مدار السنة، وتمتد بها مساحات كبيرة من المروج دائمة الخضرة ترعى بها الحيوانات المختلفة، وتدل على ذلك النقوش الموجودة على الصخور وداخل الكهوف.تقول الروايات المدونة إن قافلة الملكة طال بها السفر ونفد زادها وكاد أفرادها يهلكون من الجوع، وفي لحظات صعبة تفطنت خادمتها الخاصة لقوافل النمل على طريقها وهي تحمل حبات القمح والشعير، فأمرت بمواصلة الطريق بالاتجاه المعاكس لاتجاه النمل.إلى أن وصلت الى الأهقار فوجدت به الأمن والماء وكل مقومات الحياة فشيدت صرح مملكتها، وأدخلت تقاليد جديدة على المجتمع منها على الخصوص العمل وتخزين الخيرات لوقت الشدة والاستعداد الدائم لقهر الغزاة القادمين من الشرق. وينسب أبناؤها إلى السلف الأميسي، أي قبائل الطوارق النبيلة.إن الأساطير التي تحكي تاريخ المرأة لا تخبرنا عن تفاصيل كثيرة في حياتها خصوصًا تلك المتعلقة بنسبها الأول وأسباب هجرتها من موطنها، الأمر الذي يضعها في مصدر الفرضيات الأكثر غرابة وترسخ في ذهن الطوارق ـ سكان أقصى جنوب الجزائر ـ أن ملكتهم القديمة كانت رائعة الجمال وذات ذكاء خارق، ويكون هذا الاعتقاد السائد المصدر الذي استندت إليه بعض الكتابات التاريخية التي تروي أن تنهينان استغلت جمالها لتسيطر به سياسيًا على منطقة مزدهرة وقتها وحكمت عددًا كبيرًا من القبائل تسمى «الأمزاد» وهي التي تنحدر منها جميع قبائل الطوارق الحالية في بلدان الصحراء الكبرى الإفريقية، تتوزع حاليًا بين الجزائر وليبيا وموريتانيا والنيجر ومالي وتشاد.كما تروي الروايات كثيرًا عن شجاعتها ومزاياها الروحية والقلبية، وهي صفات جعلت سكان الأهقار يضعونها ملكة عليهم. ولعل على هذا الأساس نفهم سبب انتقال صفات النبل عن طريق النساء في المجتمع، حتى إن الأطفال في العائلات النبيلة ينسبون لأمهاتهم وليس لآبائهم كما هو الشأن في المجتمعات الإنسانية الأخرى.ابن خلدون يراها عرجاءأسطورة تنهينان تفتقد إلى الدراسات المعمقة التي من شأنها أن تزيح اللبس والغموض اللذين يحيطان بها، غير أن الباحثة الفرنسية «ماري كلار شاملا» قامت في النصف الأول من القرن الماضي بدراسة علمية على الهيكل العظمي للملكة هي الأولى من نوعها، وتمكنت على ضوئها من اكتشاف العديد من الأسرار من بينها أن تنهينان كانت عرجاء، وأكدت بذلك ما ورد في كتاب ابن خلدون عن تاريخ البربر الذي يشير إلى وجود امرأة عرجاء هي سلف لكل الرجال الملثمين ويقصد (الطوارق). ونقل الكتاب أن ابنها «هقار» الذي أطلق اسمه على المنطقة كلها فيما بعد كان أول من غطى وجهه فتبعه القوم وظلوا على تلك الحال إلى اليوم.وقد أثبتت التحليلات أن الهيكل العظمي يعود للقرن الخامس الميلادي وهو ما يعني أن تنهينان لم تكن مسلمة كما يشاع لأن الإسلام لم يبلغ تلك المنطقة إلا في القرن السابع.الأسطورة المملوءة بالفخر كانت مصدر إلهام أيضًا في الأدب والسينما الجزائرية كما هو الحال بالنسبة للكاتب الفرنسي «بيار بونو» الذي كتب روايته «أتلانتيد» وبطلته «أنتينيا».وبين الأسطورة والدراسة العلمية تطل تنهينان الملكة النبيلة صاحبة الجاه والحسب والنسب وأم كل الطوارق وحامية الأهقار. وبعيدًا عن الأسطورة تنهينان اليوم هو اسم جزائري تحمله جزائريات بكل فخر ويرويه التاريخ بكل شجاعة.هذه باختصار حكاية تنهينان كما هي في القصص المتداولة وسط المجتمع الطرقى وكما ترويها كتب التاريخ التي ألفها باحثون أوروبيون على الخصوص. هي حكاية بسيطة لكنها تحمل أسرارًا لا حصر لها، لم تتمكن البعثات العلمية المختلفة من الإجابة عنها بالقدر الذي يمكّن من تكوين فكرة شاملة عنها، وعن دورها في ترسيخ بناء مجتمع أميسي قاوم كل التحولات وظل قائمًا إلى الآن.مجتمع الطوارق اليومإن الطوارق أو الملثمين ويسمون أيضًا الرجال الزرق، يعيشون كبدو رحل في الصحراء الإفريقية الكبرى، والذين ما زال معظمهم يحافظ بإخلاص على عادة اللثام المطبق للرجال لحد لايسمح بخروج أكثر من أهداب العينين، في حين أن المرأة في الأغلب الأعم سافرة لا تغطي رأسها. لكن من هم الطوارق؟ وما هي مناطق وجودهم تحديدًا؟ وما الذي يميزهم عن غيرهم من البربر؟ ومن أين جاؤوا بهذه العادة الغريبة عن جميع الشعوب العربية والإسلامية التي هم جزء منها؟ ثم ما هي أهم عاداتهم ومظاهر ثقافتهم؟ يسود اعتقاد خاطئ لدى العامة في المغرب الكبير بأن كلمة الطوارق مشتقة من اسم طارق بن زياد الفاتح العربي المسلم، وسبب اللبس أن طارقًا يعود لأصول بربرية، وبدو الطوارق بربر كذلك. والحقيقة أن هذا هو وجه العلاقة الوحيد، فالطوارق لا يسمون أنفسهم بهذا الاسم الذي يطلقه عليهم غيرهم فقط، وإنما يتسمون «تماشق» أو «تمازغ» وهي نفسها عند غيرهم من البربر «أمازيغ» ومعناها «الرجال الأحرار». أما كلمة طوارق العربية، وتنطق محليًا «طوارق» فهي مشتقة من «تاركة»وهو اسم كان يطلق على منطقة فزان بليبيا الآن، وهي منطقة لا تزال أحد أهم أماكن وجود الطوارق. وجميع الطوارق مسلمون على المذهب المالكي، ويتحدثون بلهجتهم البربرية التي هي أصلاً إحدى اللهجات العربية القديمة. وقد تأثرت هذه اللهجة أكثر بالعربية القرشية مع استضاءة المنطقة بنور الإسلام، وما زال التأثر والتأثير في ازدياد أكثر فأكثر مع تزايد تبني الطوارق للثقافة العربية الإسلامية. وتختلف تقديرات سكان الصحراء الإفريقية من الطوارق بين مليون ونصف وعدة ملايين حسب أقل التقديرات، ويمكن تقسيمهم جغرافيًا إلى مجموعتين رئيسيتين بالصحراء الكبرى تقطنان المنطقة من خط الطول 27 إلى 14 وخط العرض 9 إلى 3 وهما: أـ طوارق الصحراء وهم الموجودون في الجنوب الجزائري ومنطقة فزان بليبيا وأهم قبائلهم الهقار أو «كل هغار» كما يسمون هم القبيلة دائمًا ببادئة «كل» أي «أهل» أو «بنو»، وأيضًا كل آجر في صحراء الجزائر، وبالتحديد بمنطقة جبال الهقار، ثم إيمنغاسن وأوراغن وكل آجرفي فزان، وسكان مدينة غدامس الليبية عند نقطة الحدود مع كل من تونس والجزائر.ب ـ طوارق الساحل وهم بالأساس قبائل كل آيير بصحراء تنيري، وكل يلمدن بمنطقة غاوة بالنيجر، وكل إيترام وكل آدرار من إيلمدن المتونة، وكل تدمكت حوالي (ثومبوكتو ومنعطف نهر النيجر بمالي، وقبائل أخرى كثيرة مثل كل أنصار الأنصار وكل لغل، وكل السوق التجار) وكل غزاف وغيرها في منطقة أزواد وآدرار إيفوغاس بجمهورية مالي المسلمة.وكل هذه القبائل تشترك في نفس الثقافة، وفي نفس اللغة الأمازيغية التي كانت تكتب خصوصًا في الجنوب منذ أقدم العصور بالحروف الفينيقية أو كما يسمونها هم «التفيناق». ومعظمهم عند سؤالهم عن أصلهم يقولون إنهم من حمير من اليمن، وهم محاربون أشداء معروفون، وقد اشتهر فرسانهم في الفتوحات الإسلامية، وفي عهد المرابطين خاصة، وكانوا هم الجهد الرئيسي للجهد الإسلامي في معركة الزلاقة بالأندلس، وملامحهم عربية جنوبية واضحة، وإن وجد منهم من يميل إلى السمرة الشديدة بحكم الاختلاط بالعناصر الإفريقية المسلمة في الجنوب كقبائل الهوسا بالنيجر، والماندينغ والفولاني في جمهورية مالي، التي قد تمتد منها أحيانًا إلى شرق موريتانيا أيضًا التي بها لهم وجود محدود. درج المؤرخون والرحالة العرب القدامى على تسمية الطوارق بالملثمين والسبب الأساسي في ذلك هو محافظتهم الشديدة على هذه العادة منذ فجر التاريخ، حيث يغطي الرجل رأسه بعمامة من القماش الأسود في الغالب، يلفها حول رأسه بإحكام عدة لفات حتى لايظهر من وجهه سوى أهداب عينيه بالكاد، ليرى بهما فقط، وعلى الرجل أكثر من ذلك أن ينام بهذه العمامة، وألا يضعها في وقت من ليل أو نهار، وإذا كشفت لمعة واحدة من وجهه لظروف خارجة عن إرادته، فتلك الفضيحة التي ما بعدها فضيحة عند الطوارق، وأكثر من ذلك عليه أن يدخل يده من تحت اللثام إذا كان يأكل، وأن ينزوي في مكان مستور إذا ما اضطر لنزع عمامته للوضوء أو غيره. هذه هي باختصار حكاية الرجل الأزرق الذي ما زال إلى يومنا يمجد المرأة ويقاوم الطبيعة القاسية.وتحظى المرأة في المجتمع الطرقي بمكانة خاصة ومميزة، فهي على خلاف النسوة في بقية المجتمعات المالكة للبيت أو الخيمة والمتصرفة المطلقة فيها ولها حرية التصرف في البيت تغييره أو بيعه إذا اقتضى الأمر. وفي حال وجود خلاف أو سوء تفاهم بينها وبين زوجها فما على هذا الأخير سوى مغادرة البيت. والمرأة الطرقية تتميز أيضًا عن باقي النسوة في كثير من الأمور أهمها اللباس التقليدي الذي ترتديه والمعروف عند أهل المنطقة بالتسغنس، وهو عبارة عن جزء واحد من القماش يتراوح طوله في الغالب بين ثلاثة إلى أربعة أمتار، وعرضه متران تلفه حول جسمها ليغطيها من أطراف قدميها إلى رأسها، ولا تغطي المرأة الطرقية وجهها.أما عن الحلي فلا قيمة للذهب عند هذا المجتمع مقابل الفضة، التي تعتبر مهر المرأة ومصدر زينتها. هذه الفضة تصنع محليًا مستمدة أشكالها من طبيعة المنطقة كجبال الأهقار، وجبال الطاسيلي ناجار، وقد تحمل أشكالاً ورموزًا أخرى تعبر عن ثقافة وتقاليد هذا المجتمع. ثم إن الطوارق أبدعوا في صناعة الحلي الفضي لدرجة أبهرت السائحين الأجانب الذين يعمدون حاليًا إلى شرائه بأثمان فاقت ما يقابلها من ذهب.ومن بين الأمور التي تعكس تمجيد هذا المجتمع للمرأة طريقة زواجها، فإذا كانت المرأة في باقي المجتمعات تزف إلى بيت زوجها ليلة عرسها فإن المرأة الطرقية لا يدخل عليها زوجها ولا تقام ولائم عرسها إلا في بيتها.على خلاف المرأة فالطرقي أو الرجل الأزرق مجبر على القيام بالعديد من الأعمال، كالرعي وحلب النوق، وإعداد الشاي، بالإضافة إلى تحضير (التاقلا) وهو نوع مميز من الخبز يصنعه الطرقي، يعمد إلى تحضير عجينة كبيرة من الدقيق ويكورها على شكل قرص كبير، ثم يدفنه تحت الرمل ويضع فوقه الجمر لتصبح بعد حوالي عشرين دقيقة جاهزة فيأخذها وينفض من عليها الرمل الساخن، ثم بعد ذلك تقطع إلى أجزاء صغيرة و تضاف إلى المرق. وتعتبر التاقلا أشهر أطعمة الطوارق.أما عن قصة اللثام الذي سبق أن أشرنا إلى أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال للطرقي أن يضعه من على أنفه، فتعود الأساطير لترجع سبب ذلك إلى أن أهقار وهو ابن الملكة تنهينان ـ والذي تعرف جبال الجنوب الجزائري اليوم باسمه ـ فر يومًا ما هاربًا بجيشه من أرض المعركة، وفي طريقه إلى العودة تنبه إلى أن ما قام به لا يليق بمقام قائد جيش وابن ملكة وبقي مرابطًا بجيشه على مشارف الديار مدة شهر كامل لا يستطيع الدخول مخافة ملامة النسوة له، ولما طال بهم الحال ونفد ما معهم من زاد، وجدوا أنفسهم مجبرين على دخول الديار، فما كان على القائد سوى أن يغطي وجهه الذي يحمل ملامح العار وكذلك فعل بقية جنده وبقوا على تلك الحال طيلة حياتهم وكذلك فعل من جاء بعدهم، حتى أصبح الأمر تقليدًا مفروضًا إلى يومنا هذا.وتسمية الطرقي بالرجل الأزرق هي في الحقيقة صفة أطلقتها عليه بقية القبائل، ومردها إلى أن اللثام الذي يضعه على وجهه يصبغ باستمرار باللون الأزرق، وبما أن اللثام يلازمه دومًا فمن البديهي أن يمتزج لون بشرة الطرقي المائلة إلى السمرة بلون الصبغة الداكن.طول العمامة يحدد طبقات الطوارقيعيش الطوارق حاليًا في الصحراء الكبرى وجزء من الساحل، ويتوزعون على شكل قبائل صغيرة هي كالتالي: قبيلة (آجار) ويمتد وجودها من أقصى الجنوب الشرقي الجزائري ـ جبال الطاسيلي ناجار تحديدًا ـ إلى الجماهيرية الليبية، قبيلة (أهقار) ويمتد وجودها من أقصى الجنوب الجزائري إلى دولة النيجر، قبيلة (آزاواد) وتستوطن دولتي النيجر ومالي، قبيلة (آير) موجودة بالنيجر، وقبيلة (تاداماكا) بمالي. هذه القبائل كانت إلى وقت غير بعيد كثيرة التناحر فيما بينها يغزو بعضها بعضًا لأدنى الأسباب، وغالبًا ما كان السبب نزاعًا على مناطق الرعي أو أماكن وجود المياه، وكان لكل قبيلة منهم زعيم يطلق عليه باللهجة الطرقية (آمينوكال) يقودهم في الحرب وعليه تعود مسؤولية حماية القبيلة وتسيير شؤونها. كما ينقسم المجتمع الطرقي إلى طبقات: المحاربون (إيموهاق)، ورجال (الدينإينا سلمانيمثلان) الطبقة الراقية، الحرفيون (إينادهان) الطبقة المتوسطة، الخدم (إيكلان) الطبقة الدنيا. ويميز الفرد بانتمائه لطبقة ما بطول العمامة التي يضعها على رأسه، فالمحاربون ورجال الدين يلفون على رؤوسهم عمائم يتجاوز طولها الثمانية أمتار، والحرفيون خمسة أمتار، بينما لا يتجاوز طول عمائم الخدم ثلاثة أمتار.إن حياة هذا المجتمع جد بسيطة تعتمد أساسًا على تربية الإبل والترحال وتجارة القوافل، فهم وإلى يومنا هذا يقايضون قوافل الإبل المحملة بالتمر بقوافل أخرى تأتي من الجنوب محملة بالسكر والشاي، وكانت أيام المقايضة ـ النصف الأول من شهر يناير ـ تجبر مختلف القبائل في ما مضى بتوقيف الغزو والإغارة على بعضهم بعضًا، كان ذلك قديمًا ولا تزال تجارة المقايضة وإن قل وجودها لدى البعض من قبائل الطوارق، بل إنهم خصصوا لذلك تظاهرة تسمى باللهجة المحلية (آسيهار) ناهاقار تمنراست وتعني بالعربية ملتقى القوافل المقايضة، يلتقي فيها الطوارق من مختلف المناطق في مدينة تمنراست الجزائرية، يقيمون فيها الاحتفالات وتعرض فيها كل قبيلة جوانب عدة من الفولكلور.إن سلوكيات هذا المجتمع تشكل ظاهرة اجتماعية، ومادة قيمة للدراسات العلمية، والتي وللأسف أغلبها لباحثين أجانب. اقتباس من منتدیاتalsaqqr.com
ابراهیم ابن العروس- أعروسي(ة) مسيطر(ة)
- عدد المساهمات : 755
العمر : 58
الموقع : الاهواز
العمل/المهنة : مدرس تاریخ وجغرافیا
مواضيع مماثلة
» إهداء لكل الرجال
» " ســـــــــيد قطب "( لماذا أعدموني ؟ )
» إسأل نفسك بصراحة لماذا؟؟
» إسأل نفسك بصراحة لماذا؟؟
» " ســـــــــيد قطب "( لماذا أعدموني 4 ؟ )
» " ســـــــــيد قطب "( لماذا أعدموني ؟ )
» إسأل نفسك بصراحة لماذا؟؟
» إسأل نفسك بصراحة لماذا؟؟
» " ســـــــــيد قطب "( لماذا أعدموني 4 ؟ )
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى